الحياة المزدوجة للمترجم الفلسطيني: جسرٌ بين الجرح والكلمة

DOI : 10.35562/encounters-in-translation.1529

Translated from:
The double life of a Palestinian translator: A bridge between wounds and words
Other translation(s):
Das Doppelleben eines palästinensischen Übersetzers: Eine Brücke zwischen Wunden und Worten
Het dubbelleven van een Palestijnse vertaler: Een brug tussen wonden en woorden
Η διπλή ζωή μίας μεταφράστριας από την Παλαιστίνη: μια γέφυρα ανάμεσα στις πληγές και τις λέξεις
زندگی دوگانۀ مترجم فلسطینی: پلی میان زخم‌ها و کلمات
La doppia vita di una traduttrice palestinese: un ponte tra ferite e parole
팔레스타인 번역가의 이중적 삶: 상처와 언어를 잇는 다리
La double vie d’une traductrice palestinienne : un pont entre les blessures et les mots
巴勒斯坦译者的夹缝人生:架起一座创痛与文字之间的桥
החיים הכפולים של המתרגם הפלסטיני:גשר בין הפצע למילה
ژیانی دوو لایەنەی وەرگێڕێکی فەڵەستینی: پردێک لە نێوان برینەکان و وشەکان
En palestinsk oversetters dobbeltliv: Ei bro mellom sår og ord
Viața dublă a traducătorului palestinian: o punte între răni și cuvinte
Двойная жизнь палестинского переводчика: мост между болью и словом
La doble vida de una traductora palestina: un puente entre las heridas y las palabras
ایک فلسطینی مترجم کی دوہری زندگی: زخموں اور لفظوں کے درمیان ایک پل

يتتبع هذا المقال فعل الترجمة من غزة باعتباره شهادةً حيّة على عالم يُمحى أمام أعين ساكنيه، حيث تغدو اللغة مأوىً مؤقتًا لما تبقّى من الوجود، وأرضًا تُخاض فيها معركة البقاء. في هذا السياق، يجد المترجم الفلسطيني نفسه يقف عند تخوم عالمين، لا ينتمي إلى أحدهما تماماً، بل يتأرجح بين لغةٍ يعرفها بدم القلب تفيض بالألم والحنين، وأخرى مكتوبة بمسافة باردة، صُمّمت لتُخفي أكثر مما تُفصح. يتأمل النص العبء الأخلاقي الذي تحمله الترجمة حين تُستخلص الكلمات من تحت الأنقاض، وتُسطّر في لحظات مشروخة بين غارة جوية وأخرى، بين ما يستحق أن يُخلّد، وما يقف على حافة الغياب. وأمام خطاب عالمي يُمعن في التهوين والتجريد، يُدفع المترجم إلى السير على حدّ السكين، محاولاً أن يصوغ الألم دون أن يُفرغه من معناه، وأن يكتب الحياة قبل أن تُمحى. يرى المقال أن الترجمة، في هذا السياق، تتجاوز حدود النقل اللغوي لتغدو فعلًا من أفعال المقاومة، وموقفًا أخلاقيًّا يُناهض التهميش، وسعيًا مُلحًّا لتثبيت الذاكرة في وجه الزوال. فالحديث عن فلسطين لا يمرّ عبر كلمات تُنقل فحسب، بل عبر ما تحمله تلك الكلمات من فتات الحياة، وشظايا الكرامة، وأصداء صوت خافت يلتمس أن يُصغى إليه قبل أن يُطوى. وفي عالم لا يُنصت إلا بعد فوات الأوان، تتخذ الترجمة هيئة مواجهة صامتة للمحو، وسعيًا دؤوبًا للإبقاء على الأسماء حيّةً، ولو في سطر وحيدٍ يُقاوم النسيان.

This essay examines the act of translation from Gaza as a form of bearing witness to a disappearing world, where language itself becomes both a vessel of survival and a site of struggle. In the face of ongoing erasure, the Palestinian translator occupies a liminal space, bridging the immediacy of grief experienced in Arabic with the distanced, often sanitized structures of another language that was never designed to carry such devastation. The text meditates on the ethical weight of translating stories born in the rubble, testimonies shaped between airstrikes, between remembrance and the threat of silence. Each word must pass through a terrain marked by power, euphemism, and indifference, forcing the translator to navigate the fine line between softening grief for legibility and preserving its urgency in a language conditioned to neutralize pain. Anchored in the Palestinian experience, the essay contends that translation is no longer merely a linguistic task, but a political and moral one, charged with refusing disappearance, resisting domestication, and holding space for voices that may not survive beyond the sentence. In translating Palestine, the translator labors not only to carry meaning, but to preserve life, agency, and memory in a world that often demands erasure before it offers attention.

Cet essai se penche sur l’acte de traduction depuis Gaza et l’entend comme une forme de témoignage sur un monde en voie de disparition, où la langue elle-même devient non seulement un radeau de survie, mais aussi un lieu de lutte. Face à l’effacement progressif de ce monde, les traducteur·rices palestinien·nes occupent un espace liminal, servant de pont entre l’immédiateté de la douleur vécue en arabe et les structures distantes, souvent aseptisées, d’une autre langue qui n’a jamais été conçue pour supporter une telle dévastation. Le texte médite sur le poids éthique de la traduction des récits qui naissent sous les décombres, des témoignages qui prennent forme entre deux raids aériens, entre commémoration et menace de silence. Chaque mot doit se frayer un chemin sur un terrain miné par le pouvoir, l’euphémisme et l’indifférence, forçant les traducteur·rices à chercher un juste équilibre entre l’atténuation de la douleur à des fins de lisibilité et la conservation de son urgence dans une langue prédisposée à neutraliser la souffrance. Ancré dans l’expérience palestinienne, cet essai soutient que la traduction cesse d’être une simple tâche linguistique, et qu'elle devient politique et morale, chargée de refuser la disparition, de résister à l’apprivoisement, et de garder un espace pour des voix qui pourraient ne pas survivre au-delà de la phrase. En traduisant la Palestine, les traducteur·rices œuvrent non seulement au passage du sens mais aussi à la préservation de la vie, de l’agentivité et de la mémoire dans un monde qui a tendance à n’accorder son attention qu’une fois satisfaite son exigence d’effacement.

Traduit par Julie Boéri.
Accédez à la TRADUCTION FRANÇAISE du texte complet.

Outline

Text

المقدّمة

كُتب هذا المقال في غزّة، في مكان تُترجَم فيه الحياةُ نفسُها يومياً إلى لغة البقاء. أن تكتب وأن تترجم تحت الحصار هو أن تحيا حياةً مزدوجة: حياة تُعاش بين الخراب والجوع والخوف، وأخرى تُساق في كلمات تحاول عبور الحدود لتخاطب قارئاً بعيداً. في هذا السياق، لا تَظهر الترجمة كفعلٍ ميكانيكي بارد، بل كطورٍ من الشهادة، كأخلاقيّة حضورٍ تسعى ـ مهما كان عجزها ـ إلى حمل أصوات أُسكتت بالقصف إلى فضاءات أخرى.

حين دوّنت هذه التأملات أوّل مرة، لم أكن أتوقّع المسار الذي ستسلكه. أن أشهدها الآن وقد نُقلت إلى اللغة الصينية، والهولندية، والفرنسية، والألمانية، واليونانية، والعبرية، والإيطالية، والكورية، والكردية، والنرويجية، والفارسية، والرومانية، والروسية، والإسبانية، والأردية، والعربية، هو تذكير بأن اللغة ـ بخلاف البشر ـ لا يمكن محاصرتها. فالكلمات تجتاز الأسوار وتمضي حرّة، تبني الجسور بين البلاد البعيدة والأرواح الممزّقة.

أكتب هذه المقدمة الآن من إيرلندا، من بلادٍ بعيدة في مشهد مغاير تماماً، غير أنّ المقال يظلّ معلَّقاً بخراب غزّة وذاكرتها العنيدة التي لا تفنى. إنّه لا يروي قصتي وحدي، بل هو عن حال المترجم كلّه: شاهدٌ يعبر بين الجراح والكلمات، بين ما يتعذّر نقله، وما يستحيل إلا أن يُترجَم.

فلْيُقرأ هذا النص، إذن، لا كسيرة ذاتية ولا كخبرٍ صحفي، بل كبحثٍ في شأن اللغة ساعة الكارثة: ماذا يعني أن تعبر بالمعنى بين الضفّتين؟ وهل يمكن للترجمة أن تُصبح، ولو على نحوٍ مؤقت، شكلاً من أشكال المقاومة في وجه المحو، وحارساً للحضور الإنساني؟

أولًا: المترجم بوصفه شاهدًا على عوالمٍ تتلاشى

أن تكون مترجمًا فلسطينيًا، فذلك أشبه بأن تمشي على حافة هاوية يتساقط فيها المعنى، وتحاول، بالكلمة وحدها، أن تبني جسرًا بين عالمٍ يُمحى تحت وطأة القصف، وآخر يُشيح بوجهه عن آثار المحو. أن تكون مترجمًا فلسطينيًا، يعني أن تُهرّب المعنى من بين متاريس التشويه اللغوي والتزييف السياسي؛ أن ترفض أن تُطمس ذاكرتك الجمعية، بأن تضمن ألا تموت كلمات شعبك بموتهم، ولا تختنق حكاياتهم تحت ركام الصواريخ. يعني أن تقاوم الفناء، لا بالرصاص، بل بالحروف؛ أن ترفض أن تُدفن الذاكرة مع أصحابها، وأن تُصرّ على أن تبقى الكلمات حيّة، شاهدة، تقاوم الغياب بجرأة الناجين.

وفي غزة اليوم، لم تعد الترجمة ضربًا من التمرين الذهني، ولا نشاطاً ثقافيًا يُمارس في فسحة من السلام، بل غدت سبيلًا إلى البقاء، وعدّة في معركة الذاكرة ضد النسيان. أن تترجم من غزة، معناه أن تدوّن الإبادة حرفًا حرفًا، وأن تحفظ لحظات الحياة العابرة التي يترصّدها الموت في كل آن: رائحة أزهار النارنج التي تسبق سقوط القذيفة، نداء المؤذن يتسلل فوق مدينة قد لا تدرك الفجر، صوت طفلة تلقي قصيدة في فصلٍ دراسيّ مهدد بالزوال. فهذه التفاصيل، وإن بدت عابرة، تقف نداً في وجه محاولة تحويل غزة إلى رقمٍ، أو مجرد شبح في ذاكرة العالم، أو سردية مجرّدة من أجساد أصحابها وملامح أرضها.

يقول والتر بنيامين في مقالته الشهيرة "مهمّة المترجم" إن الترجمة الحقيقية تهب النص حياةً ثانية؛ لا بمجرد نقل معناه، بل بصون وجوده ذاته من الفناء. ولكن، ماذا تعني "الحياة الثانية" حين يُدفن الأصل تحت الأنقاض؟ كيف يحيا نصٌّ قُضي عليه قبل أن يبلغ ضفاف لغةٍ أخرى؟ حين يُغتال الشاعر، ويُهدم البيت، ويُغيب صاحب الكلمة قبل أن يشهد عبور صوته إلى الضفة الأخرى من العالم؟ هذه الأسئلة، بالنسبة للمترجم الفلسطيني، ليست تأملًا فلسفياً، بل هاجسًا وجوديًا، ملحًّا، لا ينفكّ يطرُق روحه مع كل نصٍ يترجمه إلى لغةٍ أخرى. فالنصوص التي أتعهدها لا تُستخرج من خزائن الذكرى، بل تُنتشل من تحت الركام، وتُكتب في المسافات الضيقة بين غارتين، وتُروى على ألسنةٍ قد لا يُقدَّر لها أن تعيد روايتها مرةً أخرى.

لقد اعتاد هذا العالم ألّا يصغي إلى صوت الفلسطيني إلّا إذا أُلبس رداء الترجمة. لم يكن صراخ أمٍّ تنادي طفلها بعد الغارة كافيًا ليُسمع؛ لا بدّ من ترويضه، وتهذيبه، وتمريره عبر قنوات التعاطف الدولي المصطنع، كأنّ الحزن الفلسطيني لا يُقبل إلا إذا عُرض بصيغة المبني للمجهول في نشرات الأخبار. لكني أعلم تمامًا ما الذي يحدث حين تُروى القصة كما هي، حين تُصرّ على شراستها وحدتها، وترفض أن تُروَّض لتُهضم. تُهمَل. تُعدّ فجّة، مُثقِلة، مفرطة في صدقها أكثر مما يحتمل ذوق المتلقي الغربي المعتاد على المآسي المعقّمة. فالعالم يأنس بالسرديات التي تحفظ له توازنه الأخلاقي، لا تلك التي تزعزع جذور طمأنينته. ومن هنا، تغدو الترجمة معركةً أخلاقية: كيف نحافظ على الألم حيًّا دون أن نُخدره؟ كيف نجد له لغةً لا تخمده، بل تسعفه لعبور الحواجز اللغوية التي تقرر أيّ وجع يُعترف به ويؤخذ على محمل الجد، وأيّ وجع يُترك ليموت بصمت؟

لقد عشتُ هذا التوتر في كل سطرٍ تولّيتُ ترجمته. ففي إطار مشروعٍ كتابيّ شاركت فيه مع منصة ArabLit، عملتُ على ترجمة قصة بعنوان "نوارس تنتظر شاطئًا لا يصل" للكاتب محمد تيسير، وهي حكاية عن رجلٍ نازح يُشاهد طفلةً صغيرةً تلتصق بأمّها في مقدمة شاحنةٍ مخصصة لنقل الأغنام، وقد زُيِّن شعرها بأزهارٍ صغيرة. في النص الأصلي، وُصف فستانها الأزرق بأنه "يكاد يزهر"، فعلٌ دقيق، رقيق، مشبع بجمالٍ موؤود وسط دخان محرّك الشاحنة. حين بلغتُ هذه العبارة في الترجمة، ترددت. خشيتُ أن يفقد هذا الفعل رهافته في اللغة الإنجليزية. ففي العربية، كان المعنى جليًا: الفستان، الطفلة، المستقبل، كلّها حُرِمت من لحظة الإزهار. ولكن، في الإنجليزية، هل يمكن للقارئ أن يستشعر ذلك المعنى؟ أم سيمر عليه مرور الكرام، كما يمرّ على مآسٍ لا تخصّها؟

كيف نترجم الحزن إلى لغةٍ تدربت على تحييده؟ كيف نحمل حقيقة بيتٍ مُباد إلى مفردات عالمٍ اعتاد أن يرى محونا أمراً اعتيادياً؟ لكل لغة حدودها، غير أنّ اللغة الإنجليزية، وخصوصًا تلك المستخدمة في الإعلام الرسمي، والبيانات الدبلوماسية، وسرديات "الطرفين"، قد صيغت بعناية لتجريد الفلسطيني من الفاعلية، فتصير المجازر "تصعيدًا"، ويُختزل الحصار في "إجراءات أمنية". أن تترجم غزة إلى هذه اللغة، يعني أن تواجه ذات الأدوات التي صُنعت لطمس حقيقتها. تلك هي غربة المترجم الفلسطيني: أن يقف على حافة عالمين لا ينتمي تمامًا لأيٍّ منهما.

وأنا أترجم، أعلم تمامًا أن اللغة نفسها منفى. فأنا عالقة بين العربية، لغة الفقد والحميمية واللحظة الآنية التي تستعصي على الترجمة، وبين الإنجليزية، لغة التباعد السياسي، والقوالب النمطية، والعنف المؤطَّر والمُصنَّف. في العربية، للحزن ثِقلٌ ظاهر، ووقع لا يُخفى؛ فالأم لا "تفقد" طفلها، بل تُفجع، تنهار، وتتمزق. أما في الإنجليزية، فيبدو الفقد محايدًا، باردًا، فعلاً يحدث لجسدٍ بلا فاعل. القنبلة "تستهدف"، والمنزل "ينهار"، والطفل "يُقتل"، وكأنّ لا أحد قد أطلق تلك القنبلة، ولا أحد قد هدم البيت، ولا أحد اقترف القتل. الترجمة، إذًا، ليست مجرد نقلٍ بين لغتين، بل فعل مقاومة لبنية لغوية برمّتها؛ معركةٌ لاستعادة الفاعل من بين أنياب المجهول، وردّ العدالة إلى موضعها في الجملة.

ثانيًا: في أخلاقيات ترجمة الحرب

لطالما وُصفت الترجمة بأنها فعل خيانة. فالمقولة الإيطالية الشهيرة "Traduttore, traditore" أي "المترجم خائن" تُوحي بأن ثمّة دائمًا ما يُفقد في الترجمة، وأن المعنى يتشوّه عند انتقاله من لغة إلى أخرى. وكذلك يرى والتر بنيامين في مقالته "مَهمّة المترجم" أنّ الترجمة لا تقتصر على نقل المعنى، بل هي فعلٌ يُغيّر الأصل، ويعيد تشكيله وتركيبه وتأويله. غير أن المترجم الفلسطيني يواجه خيانةً من نوعٍ آخر، أعمق أثرًا وأثقل وقعًا؛ إذ تتحوّل الترجمة في سياقه إلى ساحة قتالٍ على المعنى، وإلى تفاوضٍ شائك يتداخل فيه اللفظ بالقضية، وتغدو فيه كل كلمة مأزقًا أخلاقيًا، وكل جملة مواجهةً مع السلطة. فالخيانة الكامنة في الترجمة لم تعد شأنًا جماليًا أو قضية أمانة لغوية، بل مسألة بقاء، ومعركة وجود.

أن تترجم غزة لا يعني السعي إلى انتقاء الكلمات المناسبة فحسب، بل البحث عن آذانٍ مستعدّة لأن تُصغي. فالمترجم الفلسطيني يقف في قلب صراعٍ لا يُحتمل؛ بين الحقيقة المجردة من التجميل، وبين الخطاب العالمي الضيّق الذي يخشى المباشرة. لم يعُد الإتقان اللغوي كافيًا؛ بل لا بدّ أن يُصاغ الحزن في قالبٍ يتيح له المرور في عالمٍ دُرّب نفسه طويلًا على غضّ الطرف. فالمسألة تتجاوز التحويل اللغوي، وتمس جوهر الصمود والمقاومة. فالمهمّة لا تنحصر في إيجاد اللغة، بل في صون الفاجعة دون أن تُفرغ من حدّتها؛ دون أن يُحَوَّل الدمار الذي مزّق بيتًا إلى استعارة، أو يُختزل موت الطفل في رقمٍ مجرد. في هذا السياق، تغدو الترجمة وجهًا من وجوه المقاومة؛ وسيلةً لحمل الذاكرة إلى عالمٍ يتوق إلى النسيان، وإصرارًا على أن الألم، وإن استعصى على الترجمة، فلا بدّ أن يُسمع.

وقلائل هم من أدركوا هذا العبء كما أدركه الراحل رفعت العرعير – الشاعر، والأستاذ الجامعي، والمحرّر – الذي جسّد في حياته وعطائه الإيمان العميق بحق الكلمة في أن تُقال. كان العرعير من أبرز الأصوات الأدبية في غزة، لا بوصفه كاتبًا نافذ البصيرة فحسب، بل بوصفه حارسًا لأصواتٍ طالما خنقتها ضبابية الحرب، وأسكتتها انتقائية الإعلام. في مجموعته القصصية المتميزة "غزة تكتب ردّها"Gaza Writes Back ، التي حرّرها بنفسه، لم يجمع القصص ليُجمّل صورة غزة، ولا ليقدّمها مغلّفة بعواطف مُعلّبة ليرضي بها نظرة الغرب؛ بل اختار ما هو أجرأ من ذلك: أن يقدّمها بلا وسائط، قريبة، دامية، ومباشرة. الكتّاب الذين ضمّهم لم يكونوا يترجمون أنفسهم ليُرضوا الآخرين، بل كانوا يستعيدون حيّزهم السردي المسلوب. رفضت حكاياتهم مفردات العمل الإنساني الرتيبة، وتمرّدَت على صيغة المبني للمجهول، ونبذت خطاب الطمأنينة العاطفية. لم يتحدثوا بلغة المجاز، بل بلغة الحاضر الطافح بالحقيقة: عن منازل دُكّت فوق رؤوس ساكنيها، عن عشاقٍ فرّقتهم الحواجز، وعن أحلامٍ بعثرتها نيران الطائرات المسيّرة. لم يسعَ العرعير إلى تجميل الألم أو تخليده في استعارات كونية مفرغة، بل تشبث بالتوثيق الصادق بلا مواربة، ورفض أن يُعاد تشكيل الحزن الفلسطيني ليُصبح "مفهومًا" أو مقبولاً في أعينٍ اعتادت التنميق. كانت رؤيته جلية: ليس مطلوبًا من الكاتب الفلسطيني أن يُطوّع واقعه ليتناسب مع معايير القبول، بل أن يُمنح الحق في أن يُسمع على سجيّته. فالنصوص التي احتضنها لم تكن مادة خامًا للجدل السياسي، ولا سلعة في سوق التعاطف، بل أدبًا طارئاً، نافذًا، لا يمكن إنكاره أو التغاضي عنه.

وما جعل عمل العرعير لا يُستغنى عنه لم يكن أنه سهّل فهم غزة، بل لأنه جعل التهرّب من مواجهتها مستحيلًا. لم تطلب رواياته أن تُفهم بشروط الآخر، بل طالبت أن تُواجه كما هي. ولعلّ في هذا السبب ما يفسّر اغتياله. لم تكن الجريمة مجرّد قتل كاتبٍ ومعلّم محبوب، بل كانت استهدافًا متعمّدًا للغة ذاتها؛ محاولةً لإسكات الصوت الذي يُصرّ على ألا يُسكت. ولكن، عمل العرعير باقٍ. كل سطرٍ تُرجم، كل صفحةٍ عَبَرت الحصار، فعلُ رفض. لا رفضٌ للنسيان فحسب، بل للشروط التي فُرضت طويلًا على فلسطين حين أرادت أن تتكلم.

لم يكن اغتياله مجرّد إسكاتٍ لصوت كاتبٍ ومعلمٍ محبوب، بل كان استهدافًا متعمّدًا للغة نفسها؛ محاولةً لإخماد ذلك الصوت الذي ظلّ يقاوم الصمت، ويُصرّ على أن يُسمَع. ومع ذلك، يبقى أثر العرعير حياً يتردّد. فكل سطر تُرجم، وكل صفحة نفذت من قبضة الحصار، كانت فعلًا صريحًا في وجه النسيان، ورفضًا واعيًا للشروط القسرية التي فُرضت طويلًا على فلسطين كلما همّت أن تنطق باسمها ووجعها. إن رهانات الترجمة لا تقف عند حدود غزة أو فلسطين، بل تتسع لتشمل كل نضال يخوضه المقهورون والمنفيّون في الأرض، حيث كانت اللغة دائماً ميدانًا للصراع. ففي كتابه تأملات في المنفى، كتب المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد أن المنفى لا يقتصر على التشرّد الجغرافي، بل هو حالة من "الوعي التقابلي"؛ ازدواج مؤلم يتأرجح فيه المنفي بين حنينٍ لوطنٍ مفقود، وبين ضرورة التعبير عن فقده بلغاتٍ ليست لغته الأم. وهكذا يجد المترجم الفلسطيني نفسه في قلب هذا التمزق، معلقًا في فراغٍ لغوي ووجودي، يتدلّى فوق هاويةٍ لا قرار لها.

لكن الترجمة لا تُختزل في كونها سجلًا للفقد وحده، بل هي أيضًا فعل استرداد، ومقاومة لمحاولة المحتل احتكار اللغة. ففعل الترجمة – لا سيما من العربية إلى الإنجليزية – هو فعل سياسي في جوهره، لأنه يهزّ البُنى اللغوية التي وتُقرّر من يُمنح حق التعبير، ومن يُحرم. فقصائد محمود درويش حين تُترجم فإنها لا تدرج المعاناة الفلسطينية ضمن سجل الأدب العالمي فحسب، بل تربك الأنظمة التي طالما سعت إلى حشر الهوية الفلسطينية في الهامش. يتساءل درويش في قصيدته تضيق بنا الأرض: "إلى أين نذهب بعد الحدود الأخيرة". سؤالٌ يلاحق كل شعب مشرَّد، وكل منفيٍّ تشكّل وجوده على تخوم حدود لم يصنعها بنفسه. وحين ينقل المترجم هذه الكلمات من لغة إلى أخرى، فهو لا يكتفي بإيصالها فحسب، بل يحرص أن يظل السؤال معلقًا في الهواء، حاضرًا، يطرق ضمائر العالم بجوابٍ طالما جرى الفرار منه.

غير أن في هذا المسعى نضالًا خفيًا. فترجمة الرواية الفلسطينية إلى اللغة الإنجليزية –لغة المستعمِر السابق، ولغة الإعلام الذي يجمّل الاحتلال تحت مسمى "الصراع"، واللغة التي طالما كانت أداة في يد الإمبراطوريات– تطرح أسئلة ثقيلة. هل بوسع لغة المستعمِر أن تُحسن احتواء حقيقة المستعمَر؟ أليست الإنجليزية، في بعض وجوهها، تُسطّح عمق الحزن الفلسطيني، وتنزع عنه استعجاله، وتحوّله إلى تجريدٍ ضبابي؟ يقول المفكر الكيني نغوغي واثيونغو في كتابه تحرير العقل من الاستعمار إن اللغة ليست وسيطًا محايدًا، وإن الكتابة بلغة المستعمِر هي معركة تُخاض داخل بنيةٍ أُنشئت أصلًا للقمع والتحريف. ومن هنا، فإن على المترجم الفلسطيني أن يخوض صراعًا دائمًا: أن يلتفّ على القيود، ويعيد تشكيل المعنى، ويُهرّبه من بين شقوق لغةٍ لم تُصنع يومًا لحمل تجربته ولا لحفظ صوته.

ثالثًا: معضلة المترجم… من يُنصت؟

أكثر الأسئلة إيلامًا التي أطرحها على نفسي ليست: "هل ينبغي لي أن أترجم؟" بل: "هل من أحدٍ يُنصت؟" كثيرًا ما يستحضر ذهني رواية باب الشمس لإلياس خوري، حين يسرد الراوي لتوأمه الراقد في غيبوبة تاريخ فلسطين، وكأنّ الكلمات وحدها تملك القدرة على إيقاظ الوعي من سباته العميق. وهكذا تبدو عملية الترجمة أحيانًا –مناجاة تُلقى في الفراغ، وسردٌ للفقد لعالمٍ لا يهتزّ له وجدان. كمترجمة فلسطينية، أعي دوماً الكيفية التي تُستقبل بها كلماتي، وأظلّ في موازنة شاقّة بين قول الحقيقة، وضمان أن تُسمَع تلك الحقيقة. نحن الفلسطينيين نترجم لأننا لا نملك إلا أن نترجم؛ إذ إنّ الصمت هو الوجه الأخير للمحو، وخاتمته القاسية.

غير أنّ الترجمة ليست فعلًا محايدًا؛ بل هي مشبعة بعنفٍ مستتر يمارسه الخطاب والسلطة. فالمترجم الفلسطيني لا يواجه صعوبات لغوية فحسب، بل يصطدم بالبُنى التي تقرر مصير كلماته: هل تُستقبل؟ أم تُشوَّه؟ أم تُقصى؟ لقد شهدتُ كيف تختزل العناوين الصحفية باللغة الإنجليزية قصفَ مخيمٍ للاجئين إلى عبارة باهتة: "غارة جوية تقتل مدنيين"، صيغة تُسقط المسؤولية وتُخفي الفاعل. وأدرك تمامًا، في كل مرة أشرع فيها بترجمة شهادة أو قصة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية، أنني لا أكتب في فضاء محايد؛ بل أكتب داخل خطابٍ صُمّم ابتداءً بلغة التلطيف والمراوغة. المعضلة الأخلاقية هنا حقيقية ومؤرّقة: فإن التزمتُ بأمانة النص العربي، وجدتُ نفسي في صدامٍ مع أعراف "الحياد" الإنجليزي، التي تفضّل الصوت الخافت على الغاضب، والتجريد على الوضوح، والضحية على المقاوم. وإن ترجمت الصوت كما هو– غاضبًا، صريحًا، لا يساوم– أخاطر بأن يُرفض النص ويُصنّف منحازًا أو "سياسيًا". وإن خفّفت نبرته وروضتها، فإنني أُسهم، من حيث لا أدري، في إعادة إنتاج أدوات المحو ذاتها التي أحاول مواجهتها. وهكذا أمضي على حبلٍ مشدود بين المحو والاتهام، ساعيةً إلى حفظ الحقيقة حيّة في لغةٍ لم تُخلَق لتحتملها.

وهكذا أجد نفسي أعيش ما سمّاه المفكّر الأمريكي الإفريقي دبليو. إي. بي. دو بوا بـ "الوعي المزدوج": أن تنظر إلى نفسك بعين العالم، بينما تحتفظ بداخلك بذاتٍ يُنكرها هذا العالم ولا يعترف بها. فالمترجم الفلسطيني يعيش بين عالمين، دون أن يجد انتماءً كاملًا إلى أيٍّ منهما: فهو غارق في اللحظة الفلسطينية حتى التورّط، ما يمنعه من التجرّد المفروض عليه، وفي الوقت ذاته مثقلٌ بمهمة الترجمة التي تُباعد بينه وبين المعاناة كما تُعاش. أن تترجم من غزة، معناه أن تترجم ألمك الشخصي، بينما تؤدي، في الآن نفسه، مهمة شبه مستحيلة: أن تجعل هذا الألم قابلًا للفهم لمن لا يستطيع، ولن يستطيع، إدراكه تمامًا.

ويظلّ السؤال معلّقًا: من يُنصت؟ هل تتجاوز هذه الكلمات حدود اللغة والثقافة لتبلغ أولئك الذين لا يعرفوننا؟ أم أنها تُستهلك كعرضٍ عابر للفرجة، وكأنها مجرّد إضافة أخرى إلى أرشيف الحزن الفلسطيني، يُرثى له دون فعل، ويُستدر به التعاطف دون حركة؟ يتمسّك المترجم الفلسطيني بإيمانٍ داخليّ راسخ بأن الكلمة، ما دامت تُقال، وما دامت الأسماء تُنطق، والقصائد تُلقى، فإن غزة لم تُمحَ بعد. ومع ذلك، يظلّ الخوف باقياً: هل العالم على استعدادٍ حقيقي للإصغاء؟ أم أننا نحدّث أصداء أنفسنا في غرفةٍ مكتظّة بالحزن؟

خلال العدوان على غزة، ترجمتُ أصواتًا كان يمكن لها أن تضيع إلى الأبد، كلمات، لو بقيت حبيسة اللغة العربية، لما تجاوزت الركام الذي وُلدت منه. في المجموعة نفسها التي "كاد فستان الطفلة أن يزهر فيها قبل أن تخنقه السحب"، تحلم فتاة أخرى بأن تُغسل مع غسيل أمها. في قصة لا رغبة لي في الحلم بعد الآن لفاطمة حسونة، يتحرّك النص في مدارات السريالي واليومي، بين حميمية البيت وهاوية الرعب. البطلة، الفتاة العالقة بين الحلم واليقظة، تتساءل: "هل تستطيع أمي أن تغسلني أيضاً؟ هل تقبل بي هذه الغسالة، هذا الشيء الضخم الذي لا سلطة لأحدٍ سوى أمي عليه؟" إنها تشتهي أن تتطهّر من الحرب، أن تُعصر كما تُعصر القمصان. غير أن براءة هذا الحلم الطفولي – أن تكون للغسالة قدرة على غسل آثار القصف– تصطدم بحقيقة مروّعة: لا آلة، ولا يد أمّ، قادرة على محو ما جرى.

وأثناء عملي على نص فاطمة، واجهتُ الجملة الأخيرة: "كان العالم كله في يدي ولا أدري في أي حلمٍ منه سقطت مني حياتي؟" لم تكن المسألة مجرّد انتقاءٍ للألفاظ، بل محاولة لنقل الثقل الذي ترفض الجملة أن تنطق به صراحة. سألتُ نفسي: هل تستطيع اللغة الإنجليزية أن تحتمل قدرة اللغة العربية على تجسيد اللغة العربية، تلك التي تجعل من الكلمات كائنات حاضرة محسوسة؟ هل يمكن لتلك الاستعارة الثقيلة أن تبقى على حالها، أم ستذوب في غلالة من التجريد والتخفيف؟

حين كتبت هذا المقال بالإنجليزية، كانت فاطمة حسونة لا تزال على قيد الحياة. كانت كلماتها حاضرة، وصوتها يعلو وسط مدينتنا المحروقة، يروي شهادتها ويأبى أن يُمحى. أما الآن، وأنا أترجم مقالي إلى اللغة العربية، أدرك أن فاطمة قد قُتلت على يد الاحتلال الإسرائيلي. لم تعُد هذه الترجمة مجرّد إعادة صياغة بلغة أخرى، بل باتت مرآة لفاجعة تتكرّر؛ فاجعة أن يُباد الإنسان وتبقى كلماته وحدها تقاوم الغياب. وهكذا نحن، في واقعٍ فلسطينيّ غزّي لا يكتفي بمحو لغتنا، بل يمعن في محونا نحن، واحدًا تلو الآخر. واليوم أكتب عن فاطمة، وغدًا قد تكون كلماتي هي الأخرى ما يتبقّى مني، إذا ما قُتلتُ كما قُتلتْ فاطمة. وقد يُترحّم عليّ كما أترحّم الآن عليها داخلي.

هذه القصص لا توثّق الحرب فحسب؛ بل تطرح أسئلةً بلا إجابات، وتستوطن وجدان كل فلسطيني منفيّ ونازح، وتسكن عظامه. فبطل قصة تيسير، الذي يتجوّل متسائلًا: "هل كانت غزة جميلة إلى هذا الحدّ؟" يُجسّد المفارقة المريرة للنفي: ألا تبصر المكان على حقيقته إلا بعد أن تغادره، وألا تُدرك قيمته إلا بعد أن يُسلب منك. وكذلك الحال مع فاطمة حسونة التي تستيقظ لتجد نفسها في منفى جديد، فهي تمثيل حيّ لدائرة التيه الأبدية، بين الفرار والعودة، بين الحنين واللا وصول. وفي ترجمتي لهذه القصص، لم أكن أكتفي بنقل النصوص من لغة إلى أخرى، بل كنت أقاوم بنىً لغوية وخطابية تحدّد ما يُعدّ "مقبولًا" من الألم الفلسطيني. الترجمة التي تقترب من الجسد، من الدم والدمع، تُصنَّف خطابًا سياسيًا يُرفض ويُخشَى. أما تلك التي تلطف النبرة، وتُخفّف الوطأة، فقد تساهم، ولو دون قصد، في المحو ذاته الذي تسعى إلى مقاومته.

وهنا تتجلّى معضلة المترجم الفلسطيني: أن يُخلص في ترجمته، فيجازف بأن يُغفل نصّه أو يُهمَّش؛ أو أن يُراوغ في الترجمة، فيخون الحقيقة التي وُلد منها النص الأصلي.

وأعود إلى حيث تبدأ الحكاية كلّها، لا إلى مقدمة هذا المقال، بل إلى حيث تنبع كلّ ترجمة فلسطينية: من يقينٍ موجِع بأن العالم قد لا يُصغي، ومن رفضٍ أشدّ إيلاماً لأن يكون الصمت هو الكلمة الأخيرة.

أن تترجم من غزة، معناه أن تمضي فوق جسرٍ شُيّد من تراكيب مكسورة وحيوات مهشّمة، حاملاً حكايات أثقل من أن تُحتمل، وأقدس من أن تُسقط. أن تُناجي ريحًا لا تجيب، وأن تهمس بأسماء لا يتردّد صداها إلا في أعماقك. ومع ذلك، أُمعن في الحديث، وأُصرّ على الترجمة، لا لأنني أُمنّي النفس بأن العالم سيتغيّر، بل لأن التوقّف عن الترجمة هو، في جوهره، صورة من صور الهزيمة؛ إعلانٌ بأن الفتاة التي كاد فستانها أن يزهر لم تكن موجودة يوماً، وبأن الأم التي عانقت طفلتها في مؤخرة شاحنة كانت مجرّد وهم، وبأن فاطمة حسونة لم تكتب، ذات صباح دامٍ، عن رغبتها في أن تُغسل من الحرب. وأنا لا أستطيع القبول بذلك. لا يمكنني أن أسمح لكلماتهم أن تتبدّد، أو أن تذوب في غبار الركام.

كتب دوستويفسكي: "أنا موجود؛ في قلب الألم: أنا موجود؛ في تشنجات العذاب: أنا موجود"

وأنا موجودة في تلك الآلام أيضًا، لا بصفتي شاهدة فحسب، بل وعاءً لها، وصوتًا ينطق بها. وإن لم تُستقبل هذه القصص بالترحيب، وإن قوبلت بالجحود أو الإنكار، فسأظلّ أحملها، لأن مجرّد روايتها فعلُ مقاومة. لأن استدعاء أسماء الشهداء هو في ذاته رفض لمحوهم. لأن كتابة جملة عن غزة، بلغةٍ لا تعترف بها، تحدٍّ صريحٌ لهندسة اللامبالاة العالمية، ولأنني، كما قالت إحدى بطلات شكسبير المقهورات: "لساني سينطق بغصب قلبي. فإن كتمته، انفطر قلبي."

لا أعلم إن كان العالم سيصغي يومًا بحق، ولا إن كانت هذه الكلمات ستبلغ من لم يعرفونا. لكن ما أعلمه يقينًا هو هذا: إن كانت قصص غزة تنتظر من يعبر بها الهاوية، فسأكون الجسر. وإن كانت النوارس لا تزال تنتظر شاطئاً لا يصل، فسأواصل الكتابة إلى أن يصل.

Cite this article

Electronic reference

Alaa Alqaisi, « الحياة المزدوجة للمترجم الفلسطيني: جسرٌ بين الجرح والكلمة », Encounters in translation [Online], 4 | 2025, Online since 19 novembre 2025, connection on 07 décembre 2025. URL : https://publications-prairial.fr/encounters-in-translation/index.php?id=1529

Author

Alaa Alqaisi

كلية ترينيتي دبلن الجامعية

Author resources in other databases

  • IDREF
  • ORCID

By this author

Translator

Alaa Alqaisi

كلية ترينيتي دبلن الجامعية

Author resources in other databases

  • IDREF
  • ORCID

Copyright

CC BY-SA 4.0